قال الحكيم: ألا ترى أن ما تمارسه الآن نوع
أخطر من الإرهاب نفسه؟
قال دوج: لا.. أنا فنان مبدع.. وقد استطعت
بريشتي أن أصور الحقيقة التي عجزت جميع أسفار الدنيا أن تصورها.
قال الحكيم: إنك تصور ما توهمته حقيقة..
ونحن لا نعتب عليك وهمك.. ولكن نعتب عليك إصرارك عليه.
نحن وإياك نشبه مدعيا ومتهمين.. فأنت المدعي
ونحن المتهمون.. فهل ترى من العقل والأدب أن تتهم شخصا، ثم لا تسمح له أن يغضب
لأنك تتهمه من دون بينة.. ثم لا تعطي له بعد ذلك الفرصة لأن يدافع عن نفسه، ويدفع
التهم التي تكلها له؟
سكت دوج، فقال الحكيم: هذا نوع من الإرهاب..
إنك ـ يا أخي ـ تقيم بتصرفك هذا محاكمة عسكرية، ليس فيها شهود ولا محامون..
قال: ولكن محمدا مات.. ولا حرج علي أن أرسمه
بأي صورة أشاء.
قال الحكيم: أرأيت لو أن رساما لا يقل عنك
إبداعا انتظر حتى تموت أمك، ثم رسمها بصورة مومس بغي.. هل تقبل ذلك؟.. أم هل تعتبر
ذلك من الحرية؟
قال دوج: لا شك أني لا أقبل.. ولكن هي أمي..
قال الحكيم: وهذا محمد.. وهو بالنسبة لكل
مسلم أعظم حرمة من أبيه وأمه وأخيه وزوجه وولده.. إنه بالنسبة للمسلمين أحب إليهم
من أنفسهم.. إنه بالنسبة لهم العين التي بها يبصرون.. والأذن التي بها يسمعون..
والروح التي بها يحيون..
وأنا أقول لك بكل صراحة.. لو أنك رسمت هذه
الصورة.. وقلت للناس: هذه صورة فلان من الناس من المسلمين.. ربما لو قلت ذلك لن
يهتم أحد.. ولن يبالي أحد حتى من رسمته لا يبالي.. أما محمد.. فهو القداسة
بعينها.. ولا ينبغي للقداسة ان تلطخ.