قال دوج، وهو يضحك بصوت عال: القتل هو القتل.. ولا يفوح من هذه المادة
إلا روائح الدماء.
قال الحكيم: دعنا من هذا الأسلوب.. ولنتحدث حديث العقلاء.. إن
المنطق العلمي يستدعي النظر في كل جملة أو آية وردت فيها كلمة القتال في القرآن
لنحلل المراد منها.. ثم نرى بعد ذلك ما نوع القتال الذي يطلب القرآن من المسلمين
القيام به.. هل هو قتال إرهابيين ظلمة.. أم هو قتال أهل الحق دفاعا عن حقهم.
التفتت الجماعة إلى دوج، وقالت: صدق الرجل.. وقد ألزمك الحجة..
ولا مناص لك من أن تذكر له هذه المواضع التي ورد فيها لفظ القتال لنرى المراد
منها.
قال دوج: أول ما يصادفك في القرآن هذه الآية التي نسخت جميع ما
ورد في القرآن من الأمر بالسلام:﴿
وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ﴾ (التوبة:36) [1]
قال الحكيم: أنت تقص الآية، وتقطعها عن سياقها.. فالآية لا تأمر
إلا بقتال المقاتلين.. لقد جاء فيها:﴿ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً﴾ (التوبة:36)
ثم إن الله تعالى لم يأمر المؤمنين بالقتال كافة إلا بعد أن
أمرهم بالدخول في السلم كافة، فقال:﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ (البقرة:208)
وليس في القرآن ناسخ ومنسوخ.. كل ما في القرآن محكم.. فكلام
الله:﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ
بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (فصلت:42)
ثم لماذا تعتبر الآية منسوخة، ولا تعتبرها ناسخة؟
[1] هذا ما يفعله
المسيحيون في كتبهم ومواقعهم من وجوه التلاعب بالقرآن.. بل إنهم أحيانا يمزجون بين
آيات مختلفة ليستدلوا بها على ما يريدون.