قال الحكيم: أنت تنتقي من المفسرين من تشاء، كما تنتقي من
القرآن ما تشاء.. وهو منهج لا علاقة له بالعلم ولا بالمنطق.
قال دوج: فإذا عزلنا المفسرين، فمن يعبر عن القرآن؟
قال الحكيم: القرآن .. القرآن هو الوحيد الذي له الحق في
التعبير عن نفسه.. ألا ترى أني حينما أذكر لك الكتاب المقدس لا أذكر لك قول أي
شارح ولا أي مفسر؟
قالت الجماعة: نعم.. لاحظنا ذلك.. فالمسلمون في حوارهم لا
يستخدمون إلا النصوص المقدسة.
قال الحكيم: لأنه لا يحق لأحد أن يملي على الله ما يقصد.. ثم إن
الله الذي علم كل شيء كيف ينطق وكيف يفهم غيره لا يعجز عن أن يفهمنا مراده من غير
حاجة إلى من يعقب عليه[1].
قال دوج: لا بأس.. لن أذكر لك كلام أحد من المفسرين.. سأقتصر
على القرآن.. إن معي مصحفا.. وسأقرأ عليكم منه ما يفند ما يدعيه هذا الرجل.
قال الحكيم: كل القرآن حديث عن السلام.. حتى الآيات التي
توهمتها تدعوا للحرب هي في أصلها تنطلق من حب السلام.. ومن البحث عن السلام..
اقرأ علي ما شئت منها لتعرف من خلالها أن القرآن لم يأذن
بالقتال إلا للضرورة القصوى التي استدعت ذلك وفي حدود ضيقة جدا.. ولولا ذلك لظلت
الحرب، وظل معها سفك الدماء جريمة من الجرائم الكبرى التي تتنافى مع وظيفة الخلافة
التي أنيطت بالإنسان في
[1] ذكرنا في مواضع كثيرة
أنه ليس من المنهج العلمي اعتبار التفاسير القرآنية أو شروح الحديث أو كلام أي كان
من العلماء حجة يحتج بها على الإسلام.. فالإسلام لا يمثله إلا مصادره الأصلية
المقدسة التي ثبتت عن طريق القطع.. وما عدا ذلك يمكن قبوله ورفضه، ولذلك لا يستطيع
أي كان أن يناظر بمثل تلك النقول.