فتح دوج المصحف، وقد وضع فيه علامات محددة على المواضع التي
يريد قراءتها، ثم قال: لقد ورد في القرآن.. في (البقرة:190):﴿ وَقَاتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
قال الحكيم: أرأيت.. لقد حددت الآية الصنف الذي تجب مقاتلته،
وهو من يقاتلهم دون من عداهم.. ومع ذلك لم تكتف بذلك.. بل نهت عن الاعتداء بأبلغ
الصيغ.. وهي الإخبار بأن الله لا يحب المعتدين.. وهذه الكلمة تمثل عند المؤمنين
الصادقين قمة أنواع الزجر.. لأن كل مؤمن صادق لا يهتم في حياته بشيء كاهتمامه بحب
الله له، ورضاه عنه.. فإذا علم أن الله لا يحب من تصرف تصرفا أو سلك سلوكا معينا
كان أبعد الناس عنه.
نظر إلى دوج، ثم قال: هل ترى سلاما أعظم من السلام الذي دعت له
هذه الآية؟
قال دوج: ولكنها أمرت بالقتال!؟
قال الحكيم: وهل ترى من الحكمة والعقل والسلام أن يسلم أهل الحق
رقابهم لأعدائهم ليستأصلوها كما يشاءون!؟ .. هل هذا هو السلام!؟
سكت دوج، فقال الحكيم: لو كان هذا هو السلام لما بقي على وجه
الأرض إلا المجرمون.
فتح دوج المصحف على موضع آخر، وراح يقرآ:﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ (البقرة:191)