وهو الحرم الذي جعله الله آمناً، فلم يأخذوا بحرمته ولم
يحترموا قدسيته.
وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام..
وفتنة الناس عن دينهم أكبر عند الله من القتل.. وقد ارتكب المشركون هاتين
الكبيرتين فسقطت حجتهم في التحرز بحرمة البيت الحرام وحرمة الشهر الحرام.
ووضح موقف المسلمين في دفع هؤلاء المعتدين على الحرمات؛ الذين
يتخذون منها ستاراً حين يريدون، وينتهكون قداستها حين يريدون! وكان على المسلمين
أن يقاتلوهم أنى وجدوهم، لأنهم عادون باغون أشرار، لا يرقبون حرمة، ولا يتحرجون
أمام قداسة، وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا
احترام لها في نفوسهم ولا قداسة!
لقد كانت كلمة حق يراد بها باطل. وكان التلويح بحرمة الشهر
الحرام مجرد ستار يحتمون خلفه، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر
المعتدي.. وهم المعتدون ابتداء، وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء [1].
قال دوج: ولكن.. ألم تكن هناك حلول أخرى؟
قال الحكيم: بلى.. لقد كانت هناك حلول كثيرة.
قال دوج: فلماذا لم يستعملها محمد.. واستعمل السيف بدلها.
قال الحكيم: لقد استعمل محمد طيلة ثلاثة عشر سنة كل الحلول مع
قومه.. لكنهم أبوا.. فتركهم وطلب منهم أن يتركوه، فأبوا.. وظلوا لا يكتفون
بالإباء، بل يأبون وينهون.. ولا يكتفون بالنهي، بل يشرعون جميع أسلحتهم ضده.