فإذا استسلم لهم يموت دينه وتموت دعوته.. أو يقوم بين أصحابه من
يمثل دور بولس ليصبح الخلاص الذي جاء به محمد خلاصا كهنوتيا أقرب إلى الأسطورة منه
إلى الواقع.
أم يواجههم.. وهذا الذي اختاره محمد a..
إن الإسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات، ويشدد في هذا المبدأ
ويصونه، ولكنه لا يسمح بأن تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات، ويؤذون
الطيبين، ويقتلون الصالحين، ويفتنون المؤمنين، ويرتكبون كل منكر وهم في منجاة من
القصاص تحت ستار الحرمات التي يجب أن تصان!
وهو يمضي في هذا المبدأ على اطراد.. إنه يحرم الغيبة.. ولكن لا
غيبة لفاسق.. فالفاسق الذي يشتهر بفسقه لا حرمة له يعف عنها الذين يكتوون بفسقه.
وهو يحرم الجهر بالسوء من القول، ولكنه يستثني إلا من ظلم.. فله
أن يجهر في حق ظالمه بالسوء من القول، لأنه حق، ولأن السكوت عن الجهر به يطمع
الظالم في الاحتماء بالمبدأ الكريم الذي لا يستحقه!
ومع هذا يبقى الإسلام في مستواه الرفيع لا يتدنى إلا مستوى
الأشرار البغاة، ولا إلى أسلحتهم الخبيثة ووسائلهم الخسيسة.. إنه فقط يدفع
المسلمين إلى الضرب على أيديهم، وإلى قتالهم وقتلهم، وإلى تطهير جو الحياة منهم.
وحين تكون القيادة في الأيدي النظيفة الطيبة المؤمنة المستقيمة،
وحين يتطهر وجه الأرض ممن ينتهكون الحرمات ويدوسون المقدسات.. حينئذ تصان للمقدسات
حرمتها كاملة، كما أرادها الله[1].
سكت دوج، فقال الحكيم: لقد كان من رحمة الله أن آتت تلك السرايا
التي أرسلها