العرب، وسوق من أسواقهم، حتى تسمع العرب بمخرجنا؛ فتهابنا آخر
الأبد[1].
وقد وصف القرآن الإصرار العظيم الذي قدم به المشركون لحرب رسول
الله a
متعصبين لما هم فيه من الباطل، فقال تعالى:﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ
جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا
نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ
اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
(لأنفال:19)
ذكر عبد الله بن ثعلبة ـ في تفسير هذه الآية ـ أن أبا جهل قال
حين التقى القوم في بدر:(اللهم أقطعُنا للرحم، وآتانا بما لا يعرف، فأحنه ـ أي
أهلكه ـ الغداة، فكان المستفتح)[2]
وفي ذلك الجمع المستكبر كان هناك بعض العقلاء.. ولكنهم غلبوا
على أمرهم، فاستسلموا للطائشين من قومهم.. والذين أوردوهم المهالك.
لقد حالت كبرياء الجاهلية بينهم وبين اتخاذ القرار السليم مع أن
كل واحد منهم كان يشعر في قرارة نفسه بمدى القدرة التي يحملها محمد a ومن معه.
قالت الجماعة: لقد شوقتنا.. فحدثتنا عن المعركة.. كيف بدأت،
وإلام انتهت؟
قال الحكيم: بعد نزول النبي a والمسلمين معه على أدنى ماء بدر من
المشركين ـ كما أشار الحباب ـ اقترح بعض الصحابة، وهو سعد بن معاذ على رسول الله a بناء عريش له يكون مقرًا لقيادته
ويأمن فيه من العدو، وكان مما قاله في اقتراحه: (يا نبي الله ألا نبني لك عريشًا
تكون فيه ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن
كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا، فقد تخلف عنك أقوام، يا نبي الله،
ما نحن بأشد لك حبًا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله
بهم، ويناصحونك، ويجاهدون معك) فأثنى عليه رسول الله a خيرًا ودعا له بخير، ثم بنى
المسلمون العريش