ثم أمرهم النبي a بالهجوم المضاد محرضًا لهم على القتال وقائلا لهم: (شدوا)
وواعدًا من يقتل صابرًا محتسبًا بأن له الجنة.
قال الجمع: هذه بداية المعركة.. فكيف كانت نهايتها؟
قال الحكيم: لقد أنجز الله وعده، فغلبت الفئة القليلة المستضعفة
الفئة الكثيرة المستكبرة.. وكان قتلى المشركين سبعين رجلا، وأسر منهم سبعون، وكان
أكثرهم من قادة قريش وزعمائهم، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا، منهم ستة من
المهاجرين، وثمانية من الأنصار.
ولما تم الفتح وانهزم المشركون أرسل a عبد الله بن رواحة وزيدا بن حارثة
ليبشرا المسلمين في المدينة بنصر الله للمسلمين وهزيمة المشركين.
وكان من حكمة رسول الله a في هذه المعركة كحكمته في سائر
المعارك أنه بقي في موقع المعركة ثلاثة أيام، فعن أنس أنه a كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة
ثلاث ليال.
وفي ذلك الموقف قام رسول الله a بدفن قتلى المشركين، ثم وقف
يخاطبهم، ويقول: (بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني
ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس)
ثم خاطبهم يسميهم قائلا: (يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة،
ويا فلان، ويا فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا)،
فقال عمر: يا رسول الله! ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال: (والذي نفسي بيده ما
أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون الجواب)[1]