يرون منهم ما لو حصل بين بعض هذه الجماعات الآن لاعتبروه من
مبررات سفك الدماء.. ولكن المسلمين الذين رباهم رسول الله a على حرمة الدماء كانوا أوسع صدرا
من أن يقعوا في هذا.
قال دوج: ولكن أمر الرجوع لم يخص ابن أبي ابن سلول وحده.. بل
إني أعلم أن بني سلمة، وبني حارثة قررتا أن ترجعا.. وفي ذلك دليل على تضعضع
المسلمين.
قال الحكيم: لقد حصل بعض ما ذكرت.. لا كل ما ذكرت.. فقد ثبت
الله هاتين القبيلتين وعصمهما، ونزل في ذلك قوله تعالى:﴿ إِذْ هَمَّتْ
طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)﴾ (آل عمران)
وهذا لا يفهم منه ما استنتجت.. وإنما يفهم منه شيء واحد هو ما
تسمونه أنتم الآن بالديمقراطية..
لقد وفر a لأصحابه ورعيته من الحرية ما لم يوفرها زعيم من زعماء الدنيا..
فهل ترى زعيما من الزعماء يترك طائفة من جيشه، وهو أحوج ما يكون إليها؟
ألا تعتبرون ذلك في عرفكم خيانة عظمى ليس لها من عقوبة إلا
القتل؟.. ولكن رسول الله a لم يقتل أحدا بهذا السبب وكان في إمكانه أن يفعل؟
قالت الجماعة: حدثنا عن المعركة.. كيف بدأت؟.. وإلام انتهت؟..
وكيف زعمت انتصار المسلمين فيها؟
قال الحكيم: لما تجمع المسلمون للخروج، رأى الرسول جماعة من
اليهود يريدون أن يخرجوا مع عبد الله بن أبي بن سلول ـ قبل انسحابه بجيشه ـ للخروج
مع المسلمين، فقال الرسول: (أو قد أسلموا؟) قالوا: لا يا رسول الله، قال: (مروهم
فليرجعوا؛ فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين)