وفي ذلك الحين يكون الفشل في الانتخابات انتصارا للمبادئ في وجه
المغرضين.
قال دوج: ربما أفهم هذا.. ولكن ما علاقته بالنصر؟
قال الحكيم: لقد كان المسلمون في تلك المرحلة مقبلون على
انتصارات كثيرة، وعلى تأسيس جميع مؤسسات المجتمع الإسلامي، وكان لابد أن يمحص
الناس حتى يظهر الصادقون المضحون الثابتون من غيرهم.. وكانت هذه الغزوة سببا لذلك.
قالت الجماعة: ثم ماذا حصل؟
قال الحكيم: لقد أشيع أن الرسول قد قتل، ففر بعضهم عائدا إلى
المدينة، واستطاع المشركون أن يصلوا إلى الرسول، فأصابته حجارتهم حتى وقع[1]وأغمي عليه، ودخلت حلقتان من المغفر
في وجنته a وهشمت
البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، ورموه بالحجارة حتى سقط لشقه في حفرة.
قال دوج: ألا تعجبون من رجل يدعي أن الملائكة تتنزل بنصره، وقد
حصل له من الهوان في هذا المحل ما حصل؟
قال الحكيم: والعجب منكم أكثر، فأنتم تزعمون أن المسيح.. وهو
ابن الله في تصوركم.. لم يكتف أعداؤه بجرحه.. بل صلبوه وأهانوه إهانة عظيمة.
قال دوج: ذلك ليفدي البشر من الخطيئة.
قال الحكيم: وهذا ليعلم كل قائد كيف يكون القائد الحقيقي..
فالقائد في المفهوم الإسلامي هو الذي يصيبه ما يصيب جنوده من أنواع الأذى.. لا
الذي يقبع في قصره يلقي الأوامر، وينتظر النياشين.
قال دوج: لقد زعمت بأن المسلمين انتصروا.. وها نحن نرى محمدا
نفسه يكاد يقتل.
[1] وكان سبب وقوع رسول
الله a أن ابن قمئة علاه بالسيف
فلم يؤثر السيف فيه إلا أن ثقل السيف أثر في عاتقه فشكا a منه شهراً وقُذف رسول الله
بالحجارة حتى وقع لشقه.