بمكة:(أنا أقتلك، فوالله لو بصق على لقتلني)، فمات بسَرِف
وهم قافلون به إلى مكة.
نظر دوج إلى الجماعة وقال متهكما: ألا تعجبون من نبي يفعل هذا؟
التفت الحكيم إلى دوج، وقال: وكيف لا يفعله؟.. وهل ترى من
الحكمة في ذلك الموقف أن يسلم محمد a نفسه للقتل أم يدافع عن نفسه؟
سكت دوج، فقال الحكيم: فأخبر قومك أن هذا الرجل من المشركين هو
الوحيد الذي قتله رسول الله a في جميع حياته.. ولا تنس أن تخبرهم عن سبب قتله..
قال رجل مسلم من الجماعة: فهل ظل المسلمون في تماسكهم في ذلك
الموقف الشديد؟.. ألم يحاول المشركون اختراقهم؟
قال الحكيم: بلى.. لقد كان هدف المشركين هو القضاء على
الإسلام.. ولم يكن هدفهم ذلك النصر المحدود.. لذلك استمروا في تتبعهم لرسول الله a والمؤمنين، وقاموا بآخر هجوم
حاولوا به النيل من المسلمين يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد، فقال رسول الله a: (اللهم إنه لا ينبغي لهم أن
يعلونا)
ثم كلف أصحابه بأن يقفوا في وجه هذا الهجوم..
ولما يئس المشركون من مواصلة المعركة وتحقيق الهزيمة الكاسحة
بالمسلمين لجأوا إلى الشهداء يمثلون بهم، ويقطعون الآذان والأنوف ويبقرون
البطون..
ولما استقر رسول الله a في مقره من الشِّعب خرج على بن أبي
طالب حتى ملأ دَرَقَته ماء من المِهْرَاس[1] فجاء به إلى رسول الله a ليشرب منه، فوجد له ريحاً فعافه،
فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم، وصب على رأسه وهو يقول: (اشتد غضب الله على
من دَمَّى وجه نبيه)
[1] قيل: هو صخرة منقورة
تسع كثيراً. وقيل: اسم ماء بأحد.