وجهك في النار، فأصاب الأكحل منه فقطعه، فقال سعد: اللهم لا
تمتني حتى تقر عيني في بني قريظة، وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية، ونقل سعد
وهو مجروح إلى خيمة رُفيدة، وقد كانت امرأة تداوي الجرحى في المسجد.
وكما استعمل رسول الله a الخندق وسيلة لحماية المدينة.. فقد
استعمل أسلوبا آخر لعله لا يرضي صاحبنا الفنان.. إنه أسلوب الخدعة الذي قال فيه a:(الحرب خدعة)
انتفض دوج قائلا: ألا تعجبون من نبي يقول هذا.. ألا تعجبون من
نبي يخادع، ويدعو إلى الخدعة؟
قال الحكيم: إذا كانت الخدعة وسيلة لحقن الدماء وإحلال السلام
كانت أسلوبا مشروعا.. بل كانت أسلوبا واجبا.. وليس هناك من أمة في الدنيا إلا
وتلجأ إليها إذا لم تجد غيرها.
قال الجمع: فكيف حصل ذلك؟
قال الحكيم: لقد جاء جاء نُعيم بن مسعود إلى رسول الله a فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت،
وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله a:(إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا
إن استطعت، فإن الحرب خدعة)
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديماً في
الجاهلية، فقال لهم: يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم،
قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد، وقد
ظاهرتموهم عليه، وإن قريشاً وغطفان ليسوا كهيئتكم، البلد بلدكم، به أموالكم
وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحولوا منه إلى غيره وإن قريشاً وغطفان أموالهم
وأبناؤهم ونساؤهم وبلدهم بغيره فليسوا كهيئتكم إن رأوا نُهْزَة وغنيمة أصابوها،
وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم ولا طاقة لكم به إن
خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهناً من أشرافهم يكونون بأيديكم