ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمداً حتى تناجزوه، فقالوا: لقد
أشرت برأي ونصح.
ثم خرج حتى أتى قريشاً، فقال لأبي سفيان ومن معه من رجال قريش:
يا معشر قريش قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمداً، وقد بلغني أمر رأيت حقاً عليّ أن
أبلغكموه نصحاً، فاكتموا عليّ، قالوا: نفعل ذلك، قال: فاعلموا أن معشر يهود قد
ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه أن قد ندمنا على ما
فعلنا، فهل يرضيك عنا أن نأخذ من القبيلتين من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم،
فنعطيكهم، فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم؟ فأرسل إليهم أن نعم، فإن
بعث إليكم يهود يلتسمون منكم رهناً من رجالكم، فلا تدفعوا إليهم منكم رجلاً
واحداً.
ثم خرج حتى أتى غطفان فقال: يا معشر غطفان أنتم أصلي وعشيرتي
وأحب الناس إليَّ ولا أراكم تتهمونني، قالوا: صدقت، قال: فاكتموا عليّ، قالوا:
نفعل، ثم قال لهم مثل ما قال لقريش، وحذرهم ما حذرهم.
فلما كانت ليلة السبت في شوال سنة خمس، وكان ما صنع الله عز وجل
لرسوله a أرسل
أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفرٍ من قريش وغطفان،
فقالوا لهم: إنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز
محمداً ونفرغ مما بيننا وبينه، فأرسلوا إليهم أن اليوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه
شيئاً، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثاً فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين
نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمداً،
فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تشمروا إلى بلادكم وتتركونا
والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا بذلك من محمد، فلما رجعت إليهم الرسل بالذي قالت
بنو قريظة قالت قريش وغطفان: تعلمون والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق،
فأرسلوا إلى بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلاً واحداً من رجالنا، فإن أنتم
تريدون القتال، فاخرجوا فقاتلوا، فقالت بنو قريظة حين