برسول الله a ـ فرآه محمد بن مسلمة قائد الحرس النبوي، فخلي سبيله حين عرفه،
فلم يعلم أين ذهب.
سكت قليلا، ثم توجه لدوج قائلا: ألا ترى من العدل أن يحكم
الغالب المغلوبين بما ارتضوه من قوانين؟
قال دوج: ذلك صحيح..
قال الحكيم: فقد حكم سعد بإقرار رسول الله a على بني قريظة بما نصت عليه
قوانينهم، بل بما نص عليه كتابهم المقدس.
قال دوج: كيف ذلك؟
قال الحكيم: لقد جاء في سفر التثنية:(حين تقترب من مدينة لكي
تحاربها استدعها للصلح فإن أجابتك وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك
للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها، وإذا دفعها الرب
إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما
في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك،
هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما
مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها
تحريماً)(التثنية: 20/1)
لقد علق مولانا محمد علي، على هذا النص بقوله:(وهكذا حكم سعد
وفقا للشريعة الموسوية بقتل ذكور بني قريظة وبسبي نسائهم وأطفالهم وبمصادرة
ممتلكاتهم.. ومهما بدت هذه العقوبة قاسية، فقد كانت على درجة الضبط للعقوبة التي
كان اليهود ينزلونها- تبعاً لتشريع كتابهم- بالمغلوبين من أعدائهم، فأي اعتراض على
قسوة هذه العقوبة هو في الواقع انتقاد لا شعوري للشريعة الموسوية، وتسليم بأن
شريعة أكثر إنسانية يجب أن تحل محلها، وأيما مقارنة بالشريعة الإسلامية في هذا
الصدد خليق بها أن تكشف ـ في وضوح بالغ ـ أي قانون رفيق