أشار الحكيم إلى سيف آخر، وقال: لعل صاحبنا الفنان يشير بهذا
السيف إلى غزوة الطائف، تلك الغزوة التي قادها a في شوال سنة ثمان من الهجرة.
فإن كان ذلك كذلك، فليعلم أن سببها هو أن مالك بن عوف وجمعاً من
أشراف قومه لحقوا بالطائف عند انهزامهم في حنين، وقد كانت ثقيف رَمّوا حصنهم،
وأدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة، فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم وأغلقوه عليهم،
وتهيأوا للقتال.
وسار رسول الله a، فنزل قريباً من حصن الطائف وعسكر هناك، فرموا المسلمين بالنبل
رمياً شديداً حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقتل منهم اثنا عشر رجلاً.
فارتفع رسول الله a إلى موضع مسجد الطائف الذي أنشىء بعد ذلك، ودام حصار الطائف
ثمانية عشر يوماً، ونادى منادي رسول الله a: أيما عبد نزل من الحصن وخرج لنا
فهو حر، فخرج منهم بضعة عشر رجلاً فأعتقهم رسول الله a.
ثم أمر رسول الله a برفع الحصار، وكانت حكمته a في رفع الحصار واضحة؛ فالمنطقة
المحيطة بها لم تعد تابعة لها، بل صارت ضمن سيادة المسلمين، ولم تعد تستمد قوتها
إلا من امتناع حصونها، فحصارها ورفعه سواء أمام القائد المحنك، وقد استشار رسول
الله a من
حوله في عملية الحصار، فقال نوفل بن معاوية الديلي: ثعلب في جحر إن أقمت