عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك، فأمر رسول الله a بالرحيل، فضج الناس من ذلك وقالوا:
نرحل، ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال رسول الله a:(فاغدوا على القتال)، فغدوا، فأصبت
المسلمين جراحات، فقال رسول الله a:(إنا قافلون غدا إن شاء الله)، فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا
يرحلون ورسول الله a
يضحك، فلما ارتحلوا واستقلوا، قال:(قولوا: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون)،
وقيل: يا رسول الله، ادع الله على ثقيف، فقال:(اللهم اهد ثقيفًا وائت بهم)
غزوة تبوك:
أشار الحكيم إلى سيف آخر، وقال: لعل صاحبنا الفنان يشير بهذا
السيف إلى غزوة تبوك.. أو غزوة العُسرة.. أو الغزوة الفاضحة[1].. والتي كانت في رجب سنة تسع من
الهجرة (سبتمبر - أكتوبر سنة 630 م)
فإن كان ذلك كذلك، فليعلم أن سببها هو أن الأنباء وصلت للنبي a من الأنباط الذين يأتون بالزيت من
الشام إلى المدينة بأن الروم جمعت جموعا كثيرة، وأجلبت معهم لخم وجذام وغيرهم من
مستنصرة العرب، وجاءت في مقدمتهم إلى البلقاء، فأراد النبي a أن يسبقهم قبل أن يغزوه.
وقد وصلت الرسول a أخبار عن تلك الحملة، وأن عدداً
من القبائل المسيحية انضمت إلى الروم لقتال المسلمين، ولذا سارع إلى إعداد جيش
لملاقاة العدو عند الحدود الفاصلة بين الجزيرة العربية وسورية، تم تجهيزه على جناح
السرعة وقوامه 30 ألف مقاتل بينهم عشرة آلاف فارس، كما انضم إليه الكثير من
القبائل العربية أثناء مسيرته، مما دفع الروم
[1] ذكره الزرقاني في (شرح
المواهب اللدنية)، وسميت بهذا الاسم لأن هذه الغزوة كشفت عن حقيقة المنافقين،
وهتكت أستارهم، وفضحت أساليبهم العدائية الماكرة، وأحقادهم الدفينة، ونفوسهم
الخبيثة، وجرائمهم البشعة بحق رسول الله a والمسلمين.