بل إن بعض أفراد عصابتنا هم به ذات مرة ليخنقه.. ولكن الله خلصه
منه.
لن أستعجل في حكاية هذا.. ولهذا سأعود بك إلى موقفه.. وكيف
استطاع أن يواجه ذلك الموقف الشديد بحكمة وعقل وسلام.
قال الحكيم، بنبرة ممتلئة حكمة ووقارا وهدوءا، متوجها للجمع
الغاضب: رويدكم يا جماعة.. فما ينبغي لنا، ونحن تلاميذ رسول الله a، ونحن الذين شملتنا أشعة محمد a أن نتصرف هذا التصرف.
إن هذا أخ من إخواننا وقع في شبه جرته إلى هذا التصرف.. والشبه
تعالج بالعلم، لا بالأيدي.. هكذا علمنا رسول الله a.. وهكذا ينبغي أن نمثل رسول الله a.
قال ذلك، ثم التفت إلى أخي، وقال: هو ذا أنا أمامك.. أنا الذي
تقصده.. فقد قمت قبل أسبوع بالوقوف في موقفك هذا.. لأحدث من أراد أن يستمع إلي عن
رحلتي إلى محمد وشمس محمد a.. وكان لحديثي أن يطول.. ولكن الجمع الذي التف حولي كان كالزيت
الذي يكاد يضيئ ولو لم تمسسه نار.. فلذلك ما إن ذكرت أول شعاع من أشعة محمد حتى
راحوا يعلنون حبهم له وإيمانهم به.
قال أخي: وقد أرسلتني الحقيقة لأنقذ هذا الجمع الذي استغفلته،
فرحت ترميه في شباك الضلال.
قال الحكيم: وأنا ممتن لك.. لتنقذني ـ أنا أيضا ـ من هذه
الشباك.. فاذكر لي، واذكر للجمع ما ينقذنا من هذا الضلال الذي جعلنا نتبع محمدا.
سكت أخي يستجمع أنفاسه، وقد ساءه هذا الموقف اللين الذي أبداه
الحكيم، ثم قال: تخيلوا معي ـ أيها الجمع ـ أنكم في صحراء.. وليس لديكم أي بوصلة
تهتدون بها.. ثم جاءكم أمي لا يعرف الطريق، ولا علم له بالجغرافية، فأخبركم أنه
الهادي.. هل تقبلونه؟
ثم أجاب نفسه بنفسه: لا شك أنكم لن تقبلوه.. فالضال لن يكون
هاديا.. والخطاء لن