يكون مربيا.. والمخطئ لن يكون معلما.. هكذا علمنا الكتاب
المقدس.. وهذا هو المقياس العلمي الذي ملأ به عقولنا، فرحنا لا نخضع إلا للحقيقة.
غضبت الجماعة المسلمة لهذا الاستفزاز.. لكنه قال بهدوئه
المعتاد: لا تغضبوا.. فأنا لن أحدثكم إلا بالقرآن الذي جاء به محمد.. وبالأحاديث
التي ينزلها المسلمون منزلة القرآن.
التفت الجمع إليه مستغرقين فيما يقول، متعجبين منه، فشجعه ذلك،
فراح يقول: لقد ذكرت لكم أن محمدا خطاء.. والخطاء لا يكون مربيا.. ولا يكون
هاديا.. ولا يكون رسولا.
لأن أول صفات المربي أن يكون قدوة لغيره.. ومن كان ذا خطيئة لم
يرب غيره إلا على الخطيئة..
ومن أدوار الرسول أن يكون شافعا.. ومن كان ذا خطيئة يستحيل أن
يكون شافعا للمذنبين.. لأنه يحتاج هو نفسه لمن يشفع له.
سكت قليلا، ثم قال: لا تغضبوا.. فليس هذا كلامي.. هذا ما قال
القرآن.. لقد جاء في القرآن أمر محمد بالاستغفار، والاستغفار لا يكون إلا
للمذنبين، ففي القرآن هذه الأوامر الشديدة لمحمد:﴿ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
غَفُوراً رَحِيماً﴾ (النساء:106).. ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ﴾ (غافر:55).. ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ (محمد:19)
وفي القرآن وعد لمحمد بأن يغفر له ذنبه.. والمغفرة لا تكون إلا
للمذنبين:﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً
مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ
وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً ﴾ (الفتح:1-2)
بل إن محمدا نفسه يصرح بوقوع الخطايا منه..
اسمعوا هذا الدعاء الذي لا ينطق به إلا من امتلأ بالخطايا.. (اللهم انت ربى لا اله
الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت
ابوء لك بنعمتك على وابوء لك بذنبى فاغفر لى فانه لا