أن يقوم بحقه، ولو كان ذلك في حق الحيوان، فما بالك بالإنسان
الذي كرمه الله تبارك وتعالى.
سكت قليلا، ثم قال: ومن حقوق الأسير حقه في الكسوة والثياب
المناسبة التي تليق به وتجدر بمثله، وقد روي في الحديث عن جابر قال: لما كان يوم
بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس، ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي a لى له قميصاً، فوجدوا قميص عبد
الله بن أبيّ يقدر عليه، فكساه النبي a إياه)[1]
ومن حقوقه حقه في المأوى والسكن المناسب أياً كان، فقد يُسكن في
المسجد أو يُسكن في سجن خاص ويكون ملائماً أو حتى في بيوت بعض المؤمنين، وفي عهد
النبي a لم يكن
هناك دار خاصة للأسرى ولا للسجن، ولهذا ربما سجن الأسير في المسجد، وربما وزع
الأسرى على المسلمين في بيوتهم إلى أن يُنظر في شأنهم.
ومما يدل لذلك ما روي من أن النبي a جعل ناساً من الأسرى الذين كانوا
يتقنون القراءة والكتابة يُعلمون أولاد الأنصار القراءة والكتابة، وجعل ذلك فداءهم
وفكاكهم[2]، ومن المعلوم أن الأسير كي يُعلم
ويكتب لابد أن يكون طليقاً غير مقيد ولا مربوط، وقادراً على الذهاب والإياب،
والوثاق إنما جُعل لمنعه من الهرب فإذا أمكن منعه بلا وثاق فلا حاجة إليه.
ومن حقوق الأسير في الإسلام عدم تعريضه للتعذيب بغير حق، ولم
ينقل في الشرع أنه أُمر بتعذيبهم..
قال دوج: نبيكم لم يعذب الأسرى، ولكنه قتلهم.
قال الحكيم: نعم.. لقد قتل النبي بعض الأسرى، وذلك لأن لهم
سوابق وجرائم استوجبت قتلهم، ومع ذلك، فإن النبي a لم يقتل من الأسرى خلال حروبه
الطويلة إلا عددًا قليلاً كانوا من أكابر عتاة المشركين وقادة الحرب الضروس
الفاجرة ضد الإسلام وأهله،