قلت: هل كان ذلك الرجل هو الجاني الذي تاب من حرفته، فراح يحرق
كل أثر لمعصيته؟
قال: لا.. لقد كان هو المخاتل المخادع الذي سايف خصمه، فلما
غلبه ارتد عليه فطعنه في ظهره.
قلت: احك لي قصة ذلك، ولا تحدثني بالألغاز.
قال: بعد أن انصرف أخي في ذلك اليوم.. جاء في المساء بوجه ممتلئ
سرورا، وقال: أرأيت.. لقد أوحت لي كلماتك بفكرة عبقرية لم تخطر ببال أحد من الناس.
قلت: ما هي؟
قال: لقد عرفت أن سر انتصار الإسلام هو السلام.. انظر حتى اسم
الإسلام فيه حروف السلام.. ولذلك فإن خلع السلام من الإسلام سيحوله إلى دين ميت..
ولن يبق في اسم الإسلام أي حرف يصلح للتعبير عنه.
قلت: فكيف يمكن أن نفعل ذلك؟
قال: ليس ذلك دورنا.. هناك أجهزة خاصة يمكنها أن تؤدي هذا
الدور..
قلت: فأنت لا تزال تلح على فكرة التحالف؟
قال: لا شك في ذلك.. فلم يتحقق أي انتصار في الدنيا من دون
تحالف.
قاطعت الغريب قائلا: أنا إلى الآن لم أفهم سر حرق الدار،
وعلاقته بالسلام، وعلاقة ذلك كله بذلك الرجل اللغز، وعلاقة القصة جميعا بأخيك.
كتم الغريب عبرات تكاد تنحدر من عينيه، ثم قال: بعد أن نفذت كل
السهام التي أرادت جماعتنا أن تعيد تصويبها لمحمد a قام رجل منا هو أكثرنا حيلة
وأعظمنا دهاء، وأقربنا مع ذلك إلى عروش السلاطين، فأوحى إلى بعض ضعاف العقول من
المسلمين، الذي اختلطت