قال الحكيم: لا أقصد هذا.. بل أقصد علاقتهم بالنبوة.
قال أخي: نحن نؤمن بنبوتهم.. بل نرى أنهم لتشرفهم بصحبة المسيح
أفضل من موسى وسائر الأنبياء الذين ورد ذكرهم في العهد القديم.
قال الحكيم: فلنبحث في سيرهم.. لقد ذكر الكتاب المقدس أنهم في
الليلة التي أخذ اليهود فيها المسيح تركوه في أيدي الأعداء، أليس هذا ذنبا عظيما؟
قال أخي: بلى.. ولكنه صدر عن الجبن الذي طبعت عليه النفوس..
قال الحكيم: فلنسلم هذا.. ولكن هل ترى أنهم يعذرون في شيء هو
أسهل الأشياء.. لقد كان المسيح في غاية الاضطراب في تلك الليلة، وقال لهم: إن نفسي
حزينة جدا، امكثوا ههنا واسهروا معي، ثم تقدم قليلا للصلاة، ثم جاء إليهم فوجدهم
نياما، فقال لبطرس: أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة، اسهروا وصلوا.
فمضى ثانية للصلاة، ثم جاء فوجدهم نياما، فتركهم ومضى، ثم جاء
إلى تلاميذه، وقال لهم: ناموا واستريحوا.
قال أخي: ذلك صحيح.. وقد صرح به متى في إنجيله (متى: 26/36-46)..
ففيه:(ثم جاء يسوع مع تلاميذه إلى موضع اسمه جتسماني، فقال لهم: (اقعدوا هنا، حتى
أذهب وأصلي هناك) وأخذ معه بطرس وابني زبدي، وبدأ يشعر بالحزن والكآبة. فقال لهم:
(نفسي حزينة حتى الموت. انتظروا هنا واسهروا معي) وابتعد عنهم قليلا وارتمى على
وجهه وصلى فقال: (إن أمكن يا أبـي، فلتعبر عني هذه الكأس. ولكن لا كما أنا أريد،
بل كما أنت تريد) ورجع إلى التلاميذ فوجدهم نـياما، فقال لبطرس: (أهكذا لا تقدرون
أن تسهروا معي ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا لـئلا تقعوا في التجربة. الروح راغبة،
ولكن الجسد ضعيف) وابتعد ثانية وصلى، فقال: (يا أبـي، إذا كان لا يمكن أن تعبر عني
هذه الكأس، إلا أن أشربها، فلتكن