قال الأول: لا تحدثني عن أمريكا.. فهي لا
تقل عن ألمانيا..
قاطعه الثاني، وقال: تريد أن أحدثك عن..
***
بينما أنا منهمك انهماكا كليا في سماع
تلك الأحاديث، لم أدر إلا بيد الباقر تجذبني، وهو يقول لي: تعال.. كيف تركتني..
لقد تعبت في البحث عنك؟
قلت: اعذرني.. فقد شغلتني أحاديث ملأت
قلبي احتقارا للعلم.
قال: لا تقل هذا.. العلم هو نعمة الله
العظمى على عباده..
قلت: ولكن النعمة قد تحول نقمة؟
قال: أجل.. يمكن ذلك.. لقد قال الله
تعالى يذكر ذلك:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ (ابراهيم:28)
صحت: أعد علي هذه الآية.. إنها تتحدث عن
واقعنا تماما.
قال: إنها تتحدث عن واقع البشرية جميعا..
فكل من بدل نعمة الله، وتصرف فيها بهواه لا بد أن يحل به وبقومه الدمار.
إن الله تعالى برحمته خلق الخير المحض..
ولكن العابثين الكافرين بالنعمة راحوا يغذون ذلك الخير بما امتلأت به نفوسهم من
الشر.. فصار الخير شرا، وصارت النعمة بلاء..
قلت: وصار العلم ـ الذي هو رسول السلام،
وقنطرة الخير ـ رسولا للصراع، وقنطرة للمآرب الخسيسة.