بعد أن خرجت من (بارلا) وجبالها الشامخة قصدت بلدة عجيبة لا
أزال إلى الآن أستغرب كيف دخلت إليها، ولا كيف خرجت منها.. لقد كانت أشبه بالحلم..
بل لعلها كانت المدينة الفاضلة التي حلم بها جميع الفلاسفة والمفكرون، ولم يستطع
بناءها إلا محمد a .
قلنا: ما اسمها؟
قال: لم يتح لي أن أعرف عنها إلا ما سأقصه عليكم..
في شارع من شوارع تلك المدينة .. وأنا في شرودي لقيت رجلا شابا
ممتلئا قوة وشبابا يحييني بأدب، ويقول: أرى أنك غريب بهذه البلاد.. فإن احتجت إلى
شيء، فاطلبني، فكل الناس يعرفونني في هذه البلدة..
قل لهم: (أوصلوني إلى محمد المهدي[1]).. قل هذه الكلمة فقط، لتجد نفسك
أمامي، وتجد كل مطالبك محققة.
تعجبت من هذا الموقف الشهم، وقلت من غير أن أشعر: ممن ورثت هذا
السلوك العظيم؟
قال: من الإنسان الكامل.
قلت متعجبا: الإنسان الكامل!؟
قال: أجل.. ألست تبحث عنه؟
قلت: بلى.. لقد قطعت في سبيل البحث عنه الفيافي والقفار..
قال: فهل وجدته؟
[1] أشير به إلى المخلص الموعود به في جميع الملل، وأنبه إلى أني
لا أقصده بالضبط، لأنه الوارث الكامل لرسول الله a، وإنما أشير إلى ناحية من نواحي وراثته، وهي القيادة العادلة
الرشيدة.