قال: تعني حفظ حقوق الطين.. فالطين الذي خلقه الله لم يخلقه
عبثا، بل هو طين محترم، ولا يصير الإنسان كاملا حتى يحترمه.
قلت: إنه يخوض بذلك في الدنيا خوضا.
قال: لا.. إن روحانية العارف والعابد والورع والزاهد تلطف من
طينية الطين، فتحولها أنوارا خالصة.
قلت: لكأني بك صحبتني في رحلتي إلى محمد.. فمن أنت؟
قال: أنا رجل من أحباب محمد.. ومن ورثة محمد.. ملأ الله من حب
محمد قلبي، فرحت أبحث في دفاتر الوراقين عن كل صغيرة وكبيرة ترتبط به لأعيشها.
قلت: سواء كانت من الدين أو من الدنيا!؟
قال: سواء كانت من الدين أو من الدنيا.. لقد قلت في نفسي: (لن
يكمل في الدين إلا من كمل في الدنيا).. فلذلك سرت خلفه، وأنا أعلم أنه لن يهديني
إلا إلى خير.
قلت: ولكني أراك تلبس لباسا عصريا.. ومحمد a كان يلبس قميصا، وأرى رأسك عارية،
ومحمد a كان
يعتم بعمامة.. وأرى في يدك ساعة.. ومحمد a لم تكن في يده.. وأرى لحيتك خفيفة لا تكاد تظهر، ومحمد a كان صاحب لحية كثيفة.
قال: دعك من هذا.. فأصحاب محمد a المنتجبين كان كل منهم يلبس لباسا
مختلفا عن أخيه.. وله من المظاهر ما يتميز به عن غيره، ولم ينكر a ذلك على أحد منهم.. ولم يعتبر أن
ذلك قصور منهم في محبته.
قلت: ولكنك تزعم أنك اتخذت محمدا النموذج الأكمل في حياتك..
قال: أجل.. ولن أستطيع أن أقنعك بذلك الآن.. ولذلك تعال معي،
فأنا الوارث التاسع الذي كتب الله أن يعلمك معنى بشرية محمد.