قلت: أعلم ذلك.. فكل من سكن هذه الصالحية يسمى صالحيا..
قال: أنا محمد بن يوسف بن علي بن يوسف الدمشقي.
قلت: أأنت صاحب السيرة الشامية؟.. أأنت صاحب (سبل الهدى
والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ
والمعاد)[1]
ابتسم، وقال: ذلك جدي.. وقد سميت باسمه كما سمي آبائي بأسماء
آبائه.. ولكنك مع ذلك تستطيع أن تعتبرني صاحبها، فأنا أحفظها عن ظهر قلب، وأعيشها
بكل مشاعري وكياني.
مشيه:
قلت: أين بيتك؟.. بشرفني أن أزور رجلا من أحفاد الصالحي.
قال: هو قريب من هنا.. هيا بنا.
قال ذلك، ثم أخذ يمشي بسرعة، فقلت: رويدك يا صالحي.. لكأني
بفعلك يخالف قولك.. فأنت دعوتني بلسانك، وفررت مني برجلك.
ابتسم، وقال: لا.. فعلي يواقف قولي.. ولكني بإسراعي أطبق سنة
رسول الله a في
مشيه.. فقد تواترت الروايات بأن مشية رسول الله a كانت أميل إلى السرعة منها إلى
البطء:
لقد حدث بعض أصحابه قال: ما رأيت أحدا أسرع مشية من رسول الله a فكأنما الأرض تطوى له: كنا إذا
مشينا معه نجهد أنفسنا وأنه لغير مكترث)[2]
[1] هذا اسم (السيرة الشامية) للصالحي، وهي من أهم مصادر السيرة
النبوية الشريفة، وقد اعتمدنا في هذه السلسلة كثيرا على ما ورد فيها من روايات..
وهي مرجعنا في أكثر الأحيان في تخريج الأحاديث المرتبطة بالسيرة والشمائل، وهو
بحمد الله محل إجلال واحترام من الأمة جميعا، وله في أهل البيت خصوصا الكثير من
البحوث الطيبة، ومنها جزء عنوانه (مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس)، وغيره.