قال: لقد انتدب محمد a لأعظم وظيفة في الوجود.. وهو لذلك زود بالوسائل الكثيرة التي
تعينه على ذلك.. هو بشر نعم.. ولكن له من الطاقات ما هو أعظم من سائر البشر
ليستطيع أداء الوظيفة الموكلة إليه.
قلت: فهل كان محمد a يرى البعيد قريبا، ويرى في ظلام الليل الحالك؟
قال: أجل.. لقد وردت بذلك الروايات الكثيرة، فعن ابن عباس قال:
(كان رسول الله a يرى
بالليل في الظلمة، كما يرى بالنهار في الضوء)[1]
وقد أخبر رسول الله a عن ذلك، فقال: (هل ترون قبلتي ها هنا، فوالله لا يخفى علي ركوعكم
ولا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري)[2]
وقال: (إني لأنظر إلى ما وراء ظهري كما أنظر إلى أمامي)[3]
وقال: (أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود
فإني أراكم من أمامي ومن خلفي)[4]
فهذه النصوص تفيد أن رسول الله a كان له هذه الطاقة[5].. كما كان له غيرها من الطاقات
التي استدعتها الوظيفة الخطيرة التي أنيطت به.
[1] رواه ابن عدي والبيهقي وابن عساكر عن عائشة، والبيهقي وابن
عساكر عن ابن عباس.
[5] حاول بعضهم تكلف سر ذلك، وهو من التكلف الممقوت، فزعم أن أنه
a كان له بين كتفيه عينان
كسم الخياط يبصر بهما لا تحجبهما الثياب.وقال آخر: بل كانت صورهم تنطبع في حائط
قبلته كما تنطبع في المرآة أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم.