فأول شروطه أن تجتمع فيه جميع ألوان الكمال،
وأن يكون محل قدوة في جميع النواحي التي يحتاجها البشر في جميع مناحي حياتهم..
ليتقولب البشر في قالبه.. ويتحولوا إلى نسخة عنه.. فيسري إليهم من كمالهم ما
يملؤهم بالكمال.
ولكن هذا الشرط يستدعي شرطا آخر.. وهو أن
يحفظ الله كل ما يرتبط بهذا الإنسان.. بحيث لا تضيع منه صغيرة ولا كبيرة.. فلا
يمكن للبشر أن يقتدوا إلا بمن يعرفون سيرته في جميع أحواله ومواقفه.
وقد جعلني هذا أختصر رحلتي في البحث عن هذا
الإنسان، بالبحث عن البشر الذي تحقق فيهم هذان الشرطان[1].
الحفظ
سكت قليلا، ثم قال: لقد بدأت أبحث في جميع مواريث البشرية عمن
تحققت حياته بالشرط الأول.. فلا يمكن أن أتعرف على الثاني إلا بعد أن أتعرف على
الأول.
قال رجل من الجمع: فماذا وجدت؟
[1] عبر السيد سليمان الندوي عن هذه الشروط بقوله: (إنّ حياة
العظيم الَّتِي يجدر بالناس أن يتَّخِذوا منها قدوة لهم في الحياة؛ ينبغي أن
تتوفَّر فيها أربع خصال:
1ـ أن تكون تاريخيّة؛ أي: أن التاريخ الصحيح الممحّص
يصدِّقها ويشهد لها.
2ـ أن تكون جامعة؛ أي: محيطة بأطوار الحياة ومناحيها
وجميع شؤونها.
3ـ أن تكون كاملة؛ أي: أن تكون متسلسِلة، لا تنقِص
شيئًا من حلقات الحياة.
4ـ أن تكون عمليّة؛ أي: أن تكون الدعوة إلَى المبادئ
والفضائل والواجبات بعمل الداعي وأخلاقه، وأن يكون كل ما دعا إليه بلسانه قد حقّقه
بسيرته، وعَمِلَ به في حياته الشخصيّة والعائليّة والاجتماعيّة؛ فأصبحت أعماله
مُثُلًا عُلْيا للناس يأتَسون بها)