responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 609

فإن سيرة بوذا لم تكن قط أسوة للهناء العائلي، ولا لأهل الصناعات والمتاجر، ولو اتَّخذ أتباع بوذا قدوة لهم من حياة بوذا؛ لما قامت لهم هذِهِ الدول في الصين واليابان وسيام وتبت وبورما، ولما عمّرت للتجارة في بلادهم سوق، ولا دبّت الحياة في صناعاتهم ومصانعهم. ولو اختار أهل تلك البلاد سيرة متبوعهم سيرة لهم وساروا عليها؛ لأقفرت الأرض العامرة، وتحوّلت إلَى صحاري قاحلة، ولأصبحت المدن خرابًا أو أرضًا جرداء!

قال رجل من الجمع: فقد عزلت بوذا إذن من أن يكون رجل هذه الناحية؟

قال: نعم.. ولكني لم أعزله، وأنا أهينه بعزلي، وإنما عزلته لأن مقاييس بحثي لم تنطبق عليه.. فلا يمكنني أن أكلف نفسي ولا الناس عنتا بأن أسير خلف من ليس لدي من سيرته ما يمكنني من السير خلفه.

قال الرجل: وحياة موسى.. ألم تر فيها ما تبحث عنه.

قال: لقد بحثت فيها بحثا طويلا مفصلا.. ولكني لم أجد في حياته ـ حسب الأسفار الخمسة من التوراة ـ إلَّا قتاله وقيادته في الحرب وبسالته فيها، أما النواحي الأخرَى من حياته ـ كالحقوق في أمور الدنيا، والفرائض والواجبات ـ ؛ فلم أرها واضحة جلية بحيث يمكن السير على منوالها..

قال الرجل: فقد عزلته إذن كما عزلت بوذا؟

قال: عزل احترام لا عزل احتقار.. لقد علمت أنه عظيم.. ولكني لم أجد في سيرته ما يكفي لأن أجعله الأنموذج الأكمل للإنسان.

صاح رجل من بعيد: لاشك أنك وجدت هذا الإنسان في المسيح.. فهو الوحيد الذي نقلت لنا سيرته بالتفصيل.. فالأناجيل لا هم لها إلا ترديد كل ما ورد عنه.

قال: لقد بحثت في سيرة المسيح لأرى مدى اكتمال هذه الناحية فيها..

فوجدت أن المسيح عاش عيشة المغلوبين المحكومين؛ فلهذا لم أجد في حياته مثالًا

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست