ووجدت أنه لم يكن له زوجة؛ ولذلك لم أر في حياته مثالًا لما
ينبغي أن يتبادله الزوج والزوجة من واجبات وحقوق، خصوصًا وأن الَّذِي بين الزوجين
من الصِّلَة أوثق وأشدّ من الَّذِي بين الأولاد وآبائهم؛ كما جاء في سِفْر
التَّكوين (انظر: سِفْر التكوين (1: 27 و8: 15 ـ 19)
لقد وجدت أنّ معظم سكان هذِهِ الدنيا يعيشون عيشة الأزواج..
ولذلك، فإنهم لن يجدو في حياة المسيح أي موضع أسوة في هذا الجانب.
بل إني ـ حتى في الأمور التي يستوي فيها المسيح مع سائر الناس ـ
لم أجد فيها من النصوص ما أستشف منه كيف كان المسيح في حياته.
قال الرجل من القوم: ولكن المسيح هو الذي صاح بما لم يصح به أحد
حين قال: (تحب الربَّ إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك. أحبب أعداءك.
مَن لطمك علَى خدك الأيمن؛ فحوِّل له الآخر ِأيضًا. مَن سخَّرك ميلًا فاذهب معه
ميلين. مَن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك؛ فاترك له الرِّداء أيضًا. اذهب وبِع أملاكك
وأعط الفقراء. واعفُ عن أخيك سبعين مرة. يعسر أن يدخل غني إلَى ملكوت السماوات)
ابتسم السيد سليمان، وقال: إن ما تقوله وأمثاله لا شك أنه من
الموعظة الحسنة المحبّبة إلَى النفوس، لكنها لا تُعَدّ سيرة ما لم يُقتَرن بها
العمل.. نعم؛ إنها قول ليّن، وحديث لذيذ، ولكن الَّذِي لا يَغْلِب عدوّه؛ كيف
يتسنَّى له العفو، ومَن لا يملك ومَن لا يكون له مال؛ كيف يتصدّق علَى الفقراء
والمساكين واليتامَى، وكيف يقضي لهم حاجاتهم؟ ومَن لا زوج له ولا ولد ولا أهل؛ كيف
تكون حياته أسوة للأزواج وذوي البنين والمتأهِّلين وهم هم الناس الَّذِي تعمّر
الدنيا بهم؟ ومَن لم يتفق له أن يصفح عن أحد في حياته؛ كيف يقتدِي به مَن كان شديد
الغضب سريع البادرة؟