responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 631

هو عبد ياليل؟ هو الَّذِي استقبل محمدا في الطائف بالأذَى، ورجمه بالحجارة، وسامه الخَسف.. فهل عُهِدَ من أَحَد فيما مضَى أن يحب عدوه، ويعفو عنه بمثل هذِهِ السماحة عند المقدرة؟

ولما فتح المسلمون مكة ودخلوها أعزة ظافرين؛ اجتمع رجال قريش وأشرافها بفناء المسجد الحرام، وفيهم مَن كان قد شتم محمدا وأذاقه ضروب الأذى، وفيهم مَن كان قد ائتمر عليه بالقتل، وفيهم مَن كذَّب برسالته وافترَى عليه، وفيهم مَن قاتله وتذرَّع بكل وسيلة لمحو الإسلام، وفيهم مَن طعنه بالرُّمْح وضربه بالسيف، وفيهم مَن آذوا فقراء المسلمين وضعفاءهم وكووا صدورهم وظهورهم بالجمر الملتهب، كل أولئك من رجال قريش وساداتها كانوا يوم فتح مكة واقفين مُنكِّسي رؤوسهم صاغرين، ولعلهم كانوا يتذكرون ما سلف منهم، وتحز ذكراه في ضمائرهم، مترقِّبين أن يُوقِع بهم محمد جزاءَ ما اقترفوا، وحُقّ لهم أن يخافوا؛ فإن الَّذِي أَجْلَوه عن وطنه، وأخرجوه من داره؛ قد عاد إليهم فاتحًا عزيزًا يقود تحت راياته عشرة آلاف من الأبطال الباسلين الَّذِين ينتظرون أوامر سيدهم لينفِّذوها.

في ذلك الموقف الرهيب سألهم محمد: ماذا ترون أني فاعل بكم؟

قالوا: خيرًا؛ أخ كريم وابن أخ كريم. فقال محمد: أقول اليوم ما قال يوسف لإخوته:﴿ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾ (يوسف: 92).. اذهبوا فأنتم الطُّـلَقاء!

هذه هي محبة الأعداء والعفو عنهم، وهذا ما حقَّقه محمد، وضرب به المثل للسماحة الَّتِي لا عهد للدنيا بمثلها؛ فذلك هو العفو والصَّفْح، وتلك هي دماثة الخُلُق، وسعة الصدر، وكرم المعدن.

إنه لم يَدْعُ الناس إلَى فضيلة إلَّا بدأ بها بنفسه.. ولم تكن دعوته كلمات عذبة يرسلها علَى الناس؛ ولكنها كانت عملًا يتقدّم به إلَى الإنسانية، ليكون لها منه أسوة وقدوة.

سكت قليلا، ثم قال: تأمَّلُوا حياة الأنبياء، وتفكَّروا فيمَن سَلَفَ من المصلحين من الشام

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 631
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست