انقطعت به السبل، واحتارت به الطرق.. وأما الأجر الذي أناله فهو
نجاة من نجا، وهداية من اهتدي.. يكفيني أن أرى من أنقذته يسير بعافية في وسط أهله
وماله وولده.
قلت: إن أمرك عجيب.. لا بد أن لك قصة غريبة.. فحدثني حديثها.
قال: لك ذلك.. فلا تقطع مثل هذه الطريق الطويلة إلا بالأحاديث.
قلت: من أين تبدأ قصتك؟
قال: من الضلال تبدأ قصتي..
قلت: عجبا.. أقصة الهادي تبدأ من الضلال؟
قال: أجل.. ألم تسمع قوله تعالى:﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى﴾
(الضحى:7)
قلت: بلى.. هذه الآية قرأتها كثيرا في قرآن المسلمين.
قال: بل في قرآن رب العالمين الذي هو خطابه للناس أجمعين..
قلت: فكيف بدأ الضلال يتسرب لتحل محله الهداية؟
قال: لقد هداني الله إلى رجل من أهله من الصالحين من ورثة رسول الله a كان اسمه محمد الوارث..
قاطعته قائلا: أعرفه.. لقد زرته قبل سنوات.. وسمعت رحلته إلى محمد.
قال: لقد صحبته مدة من الزمن.. وقد امتلأت بالمعاني العظيمة التي كان
ـ بسلوكه ـ يدعو إليها.
قلت: فما الذي جعلك ترغب عن صحبته.. وتسير إلى هذه البلاد، حيث لا
تسمع إلا عواء الذئاب، وزئير الأسود؟
قال: لقد ذكرت ما كنت فيه من الضلال، فامتلأت هما وغما..
قلت: أخفت ألا يتوب الله عليك؟
قال: لا.. لقد أيقنت بأن الله قد تاب علي.. فيستحيل على الغفور
الرحيم أن يستغفره