الصلاة، فصلوا في الطريق، فلم يعب a واحداً من الطائفتين[1].
قال مطهري[2]: إن إيصال مثل هذه المفاهيم
لعامة المسلمين وخاصتهم يحتاج إلى تعريفهم بحكمة الله في خلقه.. فقد اقتضت حكمة
اللّه في خلقه أن جعل الناس مختلفين في ألوانهم وألسنتهم ومداركهم وتصوراتهم، ولكن
اللّه جل شأنه لم يرد أن يكون هذا الاختلاف بين الناس مدعاة الى النزاع والشقاق،
بل جعله دافعاً الى التآلف والوئام، وهذا ما يعبر عنه القرآن الكريم في قوله
تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات:13)
فهذه الآية الكريمة تلفت نظر الناس
جميعاً الى حقيقة ثابتة لاجدال فيها، وهي وحدة الأصل الإنساني، ثم تبين أن اللّه
أراد ان يجعل من ذرية آدم شعوباً وجماعات مختلفة:﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا
مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾
(هود)
ولكن هذا الاختلاف ـ الذي هو حقيقة واقعة
لا شك فيها ـ ينبغي أن يكون محرّكاً للناس نحو التعارف والتآلف كما تشير الآية
الكريمة ﴿ لِتَعَارَفُوا ﴾، وهذا التعارف من شأنه أن يكون مبنيا على
الاحترام المتبادل والفهم المتبادل ومؤدياً الى التعاون المشترك فيما فيه خير
الجميع.
وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للناس على
اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأديانهم وحضاراتهم، فمن باب أولى ينبغي أن يكون ذلك
شأن الأمة الإسلامية التي ينبغي عليها أن تضع ذلك في اعتبارها وفي مقدمة
أولوياتها. فقد أراد اللّه لها أن تكون أمة واحدة، كما قال تعالى:﴿ إِنَّ
هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الانبياء:92)