ومن هنا ينبغي على المسلمين أن يجتمعوا
على ما اتفقوا عليه، وأن يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه.
واذا كان اختلاف وجهات النظر في الامور
الفرعية أمراً جائزاً في إطار مبدأ الاجتهاد الإسلامي المشروع، فليس هناك مبرر
على الاطلاق لان تكون هذه الاختلافات الفرعية عقبة في طريق تحقيق وحدة الأمة
الإسلامية، فقد أمرنا أن نعتصم بحبل اللّه المتين، كما قال تعالى:﴿
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103)، ونهينا عن أن
نبدد جهودنا وطاقاتنا، لأن هذا لن يخدم الا أعداء الاسلام ﴿ وَلا
تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (لأنفال: 46)
وليس هناك مسلم مخلص لدينه يقبل أن يكون
عنصرا يخدم أعداء الدين.
قال القمي: ومن هنا ينبغي على عقلاء
الأمة وعلمائها أن يعملوا على توحيد الصفوف وبذل الجهود المتواصلة في سبيل إزالة
العقبات التي تعترض طريق الأمة نحو التقدم والازدهار.
ومن هذه العقبات تلك الآثار السلبية
للخلافات المذهبية بين السنة والشيعة، أو بين بعض الطوائف داخل إطار كل منهما.
وقد آن الأوان لأن تختفي مظاهر هذا
الخلاف التاريخي، وتزول عوامل النزاع والشقاق بين طوائف الأمة.
ولست أقصد بذلك أن يتغلب مذهب على مذهب،
أو أن ينتصر فريق على فريق.. فالقضية أكبر من ذلك بكثير.. إنّها بالدرجة الأولى
قضية الإسلام كدين، وقضية الأمة الإسلامية التي (تداعت عليها الأمم كما تداعى
الأكلة إلى قصعتها)[1]كما أخبر بذلك رسول اللّه a،