فكرتها، أؤيدها في الحين بعد الحين فيما
أبعث به من رسائل للمستوضحين، أو أردّ به على شبه المعترضين، وفيما أنشئ من مقال
ينشر أو حديث يذاع أو بيان أدعو به الى الوحدة والتماسك والالتفاف حول أصول
الاسلام ونسيان الضغائن والاحقاد، حتى أصبحت ـ والحمد للّه ـ حقيقة مقررة تجري
بين المسلمين مجرى القضايا المسلمة بعد أن كان المرجفون في مختلف عهود الضعف
الفكري والخلاف الطائفي والنزاع السياسي، يثيرون في موضوعها الشكوك والأوهام
بالباطل. وهاهو ذا الازهر الشريف ينزل على حكم هذا المبدأ، مبدأ التقريب بين
أرباب المذاهب المختلفة، فيقرر دراسة فقه المذاهب الاسلامية سنيها وشيعيها دراسة
تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو من التعصب لفلان وفلان)[1]
اسمحوا لي.. إن كنت قد قرأت لكم هذا النص
بطوله.. فأنا لم أفرح بفتوى كما فرحت بهذه الفتوى..
سكت الشعراوي قليلا، وكأنه يعود بذاكرته
إلى أيام شبابه، ثم التفت إلى الجمع، وقال: في تلك الأيام الجميلة كانت جماعة
التقريب تصدر مجلة جامعة باسم (رسالة الإسلام)، ظلت تصدر طيلة أربعة عشر عاماً..
لقد كانت تلك المجلة هي زادنا الذي منه
ننهل الإسلام النقي الطاهر البعيد عن كل تعصب..
لم تكتف الجمعية بذلك بل اعتمدت تفسيراً
للقرآن الكريم اجتمع عليه علماء السنة والشيعة هو تفسير (مجمع البيان لعلوم
القرآن) للطبرسي، الذي استغرق تهيئته للنشر مدة عشرين عاما، وأشرف على هذه
العملية ثلاثة من أكابر علماء الأزهر هم الشيوخ: عبد المجيد سليم، ومحمود شلتوت،
ومحمد المدني.
[1] راجع
(مشيخة الازهر منذ إنشائها حتى الآن) للاستاذ علي عبد العظيم:2/187 وما بعدها.
القاهرة 1979.