بعد أن وصل الغريب من حديثه إلى هذا الموضع، التفت إلي، وقال: هذا
بعض حديثي مع هذا الوارث من ورثة النبي a.. لقد ملأني حديثه بأشعة كثيرة من شمس محمد a جعلتني أشعر بقربه العظيم مني، بل قرب
كل شيء منه.
قلت: إن حديث هذا الرجل عظيم.. ما كنت أتصور أن هناك من يحمل همة
كهمته، وقلبا كقلبه.
قال: كل من اهتدى بهدي النبي a وامتلأ به كان له ما لهذا الرجل.. ليس الأمر صعبا..
قلت: هو يسير.. ولكن الأشواك الموضوعة في هذا الطريق صعبة وشديدة.
قال: فشذبها بمقص الهداية.
قلت: أنت تحرضني على الثورة.. ألست تلميذا لمعلم السلام؟
قال: ثورة أهل السلام ثورة على النفس.. فلذلك لا ينبت منها إلا
السلام.. لقد قال لي صاحبي (محمد الهادي) هذا بعد أن قدم لي سيارتي.
قلت: هل استطاع أن يرجع لك سيارتك؟
قال: أجل.. بعد فترة من الزمان غاب عن ناظري فيها، جاءني بالسيارة
يقودها بعض الناس، وقال لي: هذه سيارتك قد عادت إليك.. انظر.. لقد فزت بنفسك، كما
فزت بسيارتك.. فلا تغفل أن تفوز بربك.
لقد قلت له حينها، وعيناي تمتلئان بالدموع: خذها.. لا أريدها..
تقبلها هدية مني.. سر بها في بلاد الله لتخلص أكلة لحوم البشر.
قال: لو سرت بها إليهم لأكلوني.. كل من سار بسيارته في هذه الأرض أكل..
قلت: لم أفهم ما ترمز إليه.
قال: لقد خلقنا الله بشرا، ولا يمكن أن نصل للبشر إلا ونحن بشر.