بعد كل وضوء بشرط أن لا نحدث فيهما أنفسنا بشيء من
أمور الدنيا أو بشيء لم يشرع لنا في الصلاة.. ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى
شيخ يسلك به حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى.. فاسلك يا أخي على
يد شيخ ناصح يشغلك بالله تعالى حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة، وإلا فمن لازمك
حديث النفس ولا يكاد يسلم لك منه صلاة واحدة ولا فرض ولا نفل، فاعلم ذلك وإياك أن
تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ كما عليه طائفة المجادلين بغير علم فإن ذلك لا يصح
لك أبدا)[1]
وقال: (ولو
أن طريق القوم يوصل إليها بالفهم من غير شيخ يسير بالطالب فيها لما احتاج مثل حجة
الإسلام الإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبد السلام أخذ أدبهما عن شيخ مع أنهما
كانا يقولان قبل دخولهما طريق القوم : كل من قال: (إن ثم طريقا للعلم غير ما
بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل)، فلما دخلا طريق القوم كانا يقولان: (قد ضيعنا
عمرنا في البطالة والحجاب وأثبتا طريق القوم ومدحاها)[2]
وقال – يتحدث عن نفسه-: (وكانت صورة مجاهداتي لنفسي من غير
شيخ أنني كنت أطالع كتب القوم كرسالة القشيري وعوارف المعارف والقوت لأبي طالب
المكي والإحياء للغزالي ونحو ذلك وأعمل بما ينقدح لي من طريق الفهم ثم بعد مدة
يبدو لي خلاف ذلك فأترك الأول وأعمل بالثاني.. وهكذا فكنت كالذي يدخل دربا لا يدري
هل ينفذ أم لا؟ فإن رآه نافذا خرج منه وإلا رجع، ولو أنه اجتمع بمن يعرفه أمر
الدرب قبل دخوله لكان بين له أمره وأراحه من التعب، فهذا مثال من لا شيخ له، فإن
فائدة الشيخ إنما هي اختصار الطريق للمريد، ومن سلك من غير شيخ تاه وقطع عمره ولم
يصل إلى مقصوده، لأن مثال الشيخ
[1]
لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية:1/51.