قلت: من هو؟
قال: رجل من أهل الله كان اسمه (يوسف).. وقد آتاه الله من الجمال والوقار ما يأسر الأبصار.. وآتاه معها من العلم والحكمة ما يأسر البصائر.
ربت على كتفي في ذلك الحين، وقال: أتعرف هؤلاء؟
قلت: لا.. ولكني متألم ألما شديدا لما نزل بهم.
قال: هؤلاء هم إخواني.. وقد نزل بهم حبهم للأرض، وتثاقلهم إليها إلى ما رأيته.
قلت: عجبا.. أيمكن لمن هو في رقتك وصفائك أن يكون له إخوانا مثل هؤلاء؟
قال: ألم يكن ليوسف من الإخوة من كان يحمل تثاقل هؤلاء؟
قلت: بلى.. وقد قص القرآن الكريم علينا خبرهم.. لقد وصل بهم الأمر إلى الحد الذي عزموا فيه على قتل أخيهم.. قال تعالى :﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)﴾ (يوسف)
قال: لم يكن يوسف وحده في ذلك.. لقد سبقه أخ صالح كان ممتلئا إيمانا وسلاما، وقد كان له أخ ممتلئ حقدا وانتقاما..
قلت: أراك تومئ إلى ابني آدم.. أولئك الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ