قال: أجل..
فهذه الآيات كتلك الآيات التي تحدثت عن يوسف وإخوته.. إنها جميعا تشير إلى أن في
الإنسان استعدادا متساويا للتثاقل وللترفع.. فالإخوة الذين يشتركون في الزمان
والمكان والعرق يختلفون كل ذلك الاختلاف الذي ذكره القرآن.
قلت: لكأن
الآيات تشير بذلك إلى خطأ من يتصورون أن الأخلاق تورث.
قال: أجل.. فالأخلاق
وليدة الكسب، لا وليدة العرق.. ووليدة الهمة لا وليدة اللقمة..
قلت: اسمح لي
أن أخبرك بأني مع احترامي الشديد لك أعتبرك مقصرا غاية التقصير.. فكيف تكون لك كل
هذه الحكمة، ثم تقصر في توجيهها لأقرب الناس إليك؟
قال: ألم يكن
لنوح u ولد قد غرق مع من غرق، وأبى أن يركب السفينة مع
والده.
قلت: أجل..
وقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال:﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي
مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ
سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ
أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
(43)﴾ (هود)
قال: ألم
يستعمل إبراهيم u كل وسائل اللطف مع
أبيه ليحثه على سلوك سبيل الله؟
قلت: أجل..
ومع ذلك ظل والده يرفض أن يتبعه، بل كان يصر على أن يرجمه وينفيه من الأرض.. لقد
ذكر الله ذلك، فقال :﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ
كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا
لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي
قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا
سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ
مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ
عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ
وَاهْجُرْنِي