قال هارون: أجل.. وقد اتفق على هذا كل من لقيتهم من
الصالحين، وقد زرت بعضهم مع نفر من قومي، فقال لنا: (يا بني أخي، إنّ من كان قبلكم
كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتاب اللّه أن تقرأه،
أو تأمر بمعروف، أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشتك الّتي لا بدّ لك منها،
أتنكرون ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)﴾ (الانفطار) ﴿ عَنِ الْيَمِينِ
وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ (18)﴾ (ق). أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته الّتي أملى صدر
نهاره، كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه)
وقال لنا آخر:
إن الرجل ليكلمني بالكلام لجوابه أشهى إلى من الماء البارد إلى الظمآن فأترك جوابه
خيفة أن يكون فضولاً..
وقال آخر:
ليعظم جلال الله في قلوبكم فلا تذكروه عند مثل قول أحدكم للكلب والحمار: الله اخزه
وما أشبه ذلك.
وقال آخر: من
فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع فإن وجد من يكفيه فإن في
الاستماع سلامة، وفي الكلام تزيين وزيادة ونقصان.
وقال آخر:
إنه ليمنعني من كثير من الكلام خوف المباهاة.
وقال آخر:
إذا كان الرجل في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت وإن كان ساكتاً فأعجبه السكوت فليتكم.
وقال آخر: إن
أحق ما طهر الرجل لسانه. ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة فقال: لو كانت هذه خرساء
كان خيراً لها.
وقال آخر:
يهلك الناس خلتان: فضول المال وفضول الكلام.