قال: أولها
فهو أن ينفرد الباعث الواحد ويتجرد، كما إذا هجم على الإنسان سبع فقام من موضعه، فلا
غرض له إلا الهرب من السبع.. ذلك أنه يعلم خطورته، فانبعثت نفسه إلى الهرب ورغبت
فيه، فانتهضت القدرة عاملة بمقتضى الانبعاث.. وهذه النية تسمى خالصة ويسمى العمل
بموجبها إخلاصاً بالإضافة إلى الغرض الباعث.
قلت: وعيت
هذا.. فما الثاني؟
قال: الثاني
هو أن يجتمع باعثان كل واحد مستقل بالإنهاض لو انفرد، ومثاله من المحسوس أن يتعاون
رجلان على حمل شيء بمقدار من القوة كان كافياً في الحمل لو انفرد.. ومثاله فيما
نحن فيه أن يسأله قريبه الفقير حاجة فيقضيها ناظرا لفقره وقرابته، وعلم أنه لولا
فقره لكان يقضيها بمجرد القرابة، وأنه لولا قرابته لكان يقضيها بمجرد الفقر..
قلت: وعيت
هذا.. فما الثالث؟
قال: الثالث
هو أن لا يستقل كل واحد لو انفرد.. ومثاله في المحسوس أن يتعاون ضعيفان على حمل ما
لا ينفرد أحدهما به.. ومثال ذلك الرجل يتصدق بين يدي الناس لغرض الثواب ولغرض
الثناء، ويكون بحيث لو كان منفرداً لكان لا يبعثه مجرد قصد الثواب على العطاء، ولو
كان الطالب فاسقاً لا ثواب في التصدق عليه لكان لا يبعثه مجرد الرياء على العطاء،
ولو اجتمعا أورثا بمجموعهما تحريك القلب.
قلت: وعيت
هذا.. فما الرابع؟
قال: الرابع أن
يكون أحد الباعثين مستقلاً لو انفرد بنفسه والثاني لا يستقل.. ولكن لما انضاف إليه
لم ينفك عن تأثير بالإعانة والتسهيل.. ومثاله أن يكون للإنسان ورد في