قلت: حدثني عن العمل الذي شيب ببعض الحظوظ.. هل أنال
عليه ثوابا، أم أنال عليه عقابا، أم أني لا أنال عليه شيئا؟
قال: لقد
اختلف العلماء في ذلك اختلافا شديدا بناء على ما فهموه من النصوص المقدسة..
قلت: فما ترى
من الترجيح بينهم في هذا الخلاف؟
قال: هو ما
نص عليه قوله تعالى :﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
(7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾ (الزلزلة)،
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ
حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)﴾
(النساء)
قلت: فكيف
تطبق الموازين التي نصت عليها هذه الآيات على ما نحن فيه؟
قال: أرى أنه
ينظر إلى قدر قوة الباعث.. فإن كان الباعث الديني مساوياً للباعث النفسي تقاوماً
وتساقطا، وصار العمل لا له ولا عليه، وإن كان باعث الرياء أغلب وأقوى فهو ليس
بنافع، وهو مع ذلك مضر ومفض للعقاب.. نعم العقاب الذي فيه من عقاب العمل الذي تجرد
للرياء ولم يمتزج به شائبة التقرب.. وإن كان قصد التقرب أغلب بالإضافة إلى الباعث
الآخر فله ثواب بقدر ما فضل من قوة الباعث الديني.
قلت: فهل لك
مرجع في هذا غير ما ذكرت من الآيات؟
قال: أجل..
تعالى :﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ
اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى
لِلذَّاكِرِينَ (114)﴾ (هود)، وقوله a:
(إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب
ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب. فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي
نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه)،
قيل: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: (غشه وظلمه، ولا يكسِبُ عبد مالا حراما فينفق
منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيقبل منه، ولا يتركه خلف