النبي a: (أتبع السيئة
الحسنة تمحها)[1]، فإذا كان الرياء المحض يمحوه الإخلاص المحض عقيبه، فإذا اجتمعا جميعاً
فلا بد وأن يتدافعا بالضرورة.
قلت: فما
تقول فيما في ورد في النصوص المقدسة من أن شوب الرياء محبط للثواب، وفي معناه شوب
طلب الغنيمة والتجارة وسائر الحظوظ.. ومن ذلك ما روي أن رجلاً قال للنبي a:
يا رسول الله، إني أقف المواقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطني، فلم يرد عليه
رسول الله a حتى نزلت هذه الآية:﴿.. فَمَنْ كَانَ
يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾ (الكهف)[2]
وفي حديث آخر
قال a : (يقول الله يوم القيامة: أنا خير شريك، من أشرك
بي أحدًا فهو له كله)[3]
وقال فيما يرويه
عن ربه، عز وجل: (أنا خير الشركاء، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري، فأنا منه برئ، وهو
للذي أشرك)[4]
قال: إن هذه
الأحاديث لا تناقض ما ذكرته لك، لأن المراد منها أن صاحبها لم يرد بذلك إلا الدنيا،
أو كان ذلك هو الأغلب على همه.. وقد ذكرت لك أن ذلك عصيان وعدوان.. لا لأن طلب
الدنيا حرام، ولكن طلبها بأعمال الدين حرام لما فيه من الرياء وتغيير العبادة عن
موضعها.
أما لفظ
الشركة حيث ورد فمطلق للتساوي، وقد ذكرت لك أنه إذا تساوى القصدان تقاوما ولم يكن
له ولا عليه، فلا ينبغي أن يرجى عليه ثواب، ثم إن الإنسان عند الشركة أبداً
[1]
رواه أحمد، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والدارمي، الحاكم وقال: حديث صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[2]
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب السنة والحاكم نحوه من رواية طاوس مرسلا.