ورؤي بعضهم في المنام فقيل له: كيف وجدت أعمالك؟
فقال: (كل شيء عملته لله وجدته، حتى حبة رمان لفظتها من طريق، وحتى هرة ماتت لنا
رأيتها في كفة الحسنات، وكان في قلنسوتي خيط من حرير فرأيته في كفة السيئات، وكان
قد نفق حمار لي قيمته مائة دينار فما رأيت له ثواباً فقلت: موت سنور في كفة
الحسنات وموت حمار ليس فيها؟ فقيل لي: إنه قد وجه حيث بعثت به، فإنه لما قيل لك:
قد مات، قلت: في لعنة الله، فبطل أجرك فيه، ولو قلت: في سبيل الله، لوجدته في
حسناتك. وفي رواية قال: وكنت قد تصدقت بصدقة بين الناس فأعجبني نظرهم إلي فوجدت
ذلك لا علي ولا لي)
قلت: ما أجمل
ما تذكره.. إن الإنسان بهذا يمكن أن يحول من حياته كلها إلى مضمار طاعة.
قال: أجل..
ولذلك الإشارة بقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ (الأنعام)
قلت بيني،
وبين نفسي: ما أيسر أمر النية.. فمن اليوم وصاعدا كلما أردت أن آكل أقول: نويت أن
آكل لله.. وكلما أردت النوم، أقول: نويت أن أنام لله.. وهكذا.
ابتسم، وقال:
لا.. ليس الأمر كما تتصور.
قلت: ما
تقصد؟
قال: أرأيت
لو أن جائعا قال: نويت أن أشبع.. أو أن شبعانا قال: نويت أن أشتهي الطعام وأميل
إليه.. هل يمكن أن يتحقق لهما ذلك بمجرد القول؟
قلت: لا.. لا
يمكن لهما ذلك.
قال: فهكذا
النية.. فليست هي مجرد حديث نفس أو حديث لسان أو فكر أو انتقال من خاطر إلى خاطر.