فيهما.. وله بالإضافة إلى ما يضره حال الصبر،
وبالإضافة إلى ما ينفعه حال الشكر. فيكون الشكر أحد شطرى الإيمان بهذا الاعتبار
كما أن اليقين أحد الشطرين بالاعتبار الأول.
قلت: بهذا
الاعتبار فإن جميع مقامات الدين لها علاقة بالصبر.
قال: أجل،
فالصبر تختلف أساميه باختلاف المكروه الذي غلب عليه .. فإن كان في مصيبة اقتصر على
اسم الصبر، وتضاده حالة تسمى الجزع والهلع.. وإن كان في احتمال الغنى سمى ضبط
النفس، وتضاده حالة تسمى البطر.. وإن كان في حرب ومقاتلة سمى شجاعة، ويضاده الجبن..
وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمى حلما، ويضاده التذمر.. وإن كان في نائبة من نوائب
الزمان مضجرة سمى سعة الصدر ويضاده الضجر والتبرم وضيق الصدر.. وإن كان في إخفاء
كلام سمى كتمان السر، وسمى صاحبه كتوما.. وإن كان عن فضول العيش سمى زهدا، ويضاده
الحرص.. وإن كان صبرا على قدر يسير من الحظوظ سمى قناعة، ويضاده الشره.
قلت: فأكثر
أخلاق الإيمان بهذا داخلة في الصبر.
قال: أجل.. فمن
يأخذ المعاني من الأسامي يظن أن الأحوال مختلفة في ذواتها وحقائقها.. والذي يسلك
الطريق المستقيم وينظر بنور اللّه، يلحظ المعاني أولا، فيطلع على حقائقها، ثم
يلاحظ الأسامي فإنها وضعت دالة على المعاني. فالمعاني هي الأصول، والألفاظ هي
التوابع.
قلت: بورك
فيك.. فهل الصبر شيء واحد.. أم أنه يختلف قوة وضعفا؟
قال: بحسب
قوة باعث الدين أمام باعث الهوى تكون قوة الصبر.. وله في ذلك ثلاثة أحوال.
قلت: فما
الحال الأولى؟
قال: أن يقهر
داعي الهوى فلا تبقى له قوة المنازعة.. و يتوصل إلى ذلك بدوام