responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 404

أهلا للنعمة)

قلت: فما تقول أنت؟

قال: إن الملك الذي يريد الخروج إلى سفر، فيهدي فرسا لبعض الناس.. فإن هؤلاء الناس سينقسمون في فرحهم بالفرس إلى ثلاثة أقسام:

أما الأول، فيفرحون بالفرس من حيث إنه فرس.. وهذا فرح من لاحظ له في الملك، بل غرضه الفرس ‌فقط، ولو وجده في صحراء فأخذه، لكان فرحه مثل ذلك الفرح.

أما الثاني، فيفرحون به لا من حيث إنه فرس، بل من حيث يستدلون به على عناية الملك بهم، وشفقته ‌عليهم واهتمامه بجانبهم، ولو وجد هؤلاء هذا الفرس في صحراء أو أعطاهم إياه غير الملك لكانوا لا يفرحون به ‌أصلاً لاستغنائهم عن الفرس أصلاً أو استحقارهم له بالإضافة إلى خلوه من نيل المحل في قلب ‌الملك.

أما الثالث، فيفرحون به لأجل الخروج به في خدمة الملك، فيتحملون مشقة السفر لينالوا بخدمته القرب ‌منه، وهم لا يريدون من ذلك إلا مشاهدة الملك والقرب منه، حتى ‌لو خيروا بين القرب منه دون الوزارة وبين الوزارة دون القرب لاختاروا القرب.

قلت: عرفت أحوال الشاكرين للملك الذي أهدى فرسا، فما حال الشاكرين لله الذي أعطى من النعم ما لا يحصى؟

قال: هم كذلك ثلاثة.. وبينهما درجات لا يعلمها إلا الله:

أما الأولون، فحالهم كحال الذي يفرح ‌بالفرس لا بالمعطى، وهذا حال كل من فرح بنعمة من حيث إنها لذيذة وموافقة لغرضه، وهو بعيد ‌عن معنى الشكر.

وأما الثانية، فهي داخلة في معنى الشكر من حيث إنه فرح بالمنعم، ولكن لا من حيث ذاته ‌بل من حيث معرفة عنايته التي تستحثه على الإنعام في المستقبل، وهذا حال الصالحين الذين ‌يعبدون الله ويشكرونه خوفاً من عقابه ورجاءً لثوابه.

أما الشكر التام فهو في الفرح الثالث، وهو أن ‌يكون فرح العبد بنعمة الله تعالى من حيث إنه يقدر بها على التوصل إلى القرب منه تعالى ‌والنزول في جواره والنظر إلى وجهه على الدوام، فهذا هو الرتبة العليا.

نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست