وهو الذي
مثله رسول الله a في سلوكه ومواقفه، فقد عرضت
عليه الدنيا بحليها وحللها، فأعرض عنها.. ففي الحديث: (لقد مات رسول اللّه a وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرّتين)[2]
قلت: لا زلت
أحتاج منك حدودا حقيقية أو رسمية تبين لي حقيقته، وتفسر لي معناه.
قال[3]: الزهد مقام من مقامات الدين الشريفة..
والتي لا تنال الدرجات العليا إلا بارتقائها.
قلت: لقد
تعودت من مشايخي الذين مررت عليهم، وسلكت على أيديهم، أن يذكروا لي عند كل مقام
العلوم التي تحض عليه، والأحوال التي يجدها السالك عنده، والثمرات العملية التي
يثمرها..
قال: وهكذا
الزهد.. فهو ينتظم من علم وحال، وعمل .. فالعلم هو السبب في الحال، وهو يجرى مجرى
المثمر، والعمل يجرى من الحال مجرى الثمرة.
قلت: فهلا
وضحت لي العلم الذي يدعو إلى الزهد.
قال: لن
تفهمه حتى تفهم الحال التي تسمى زهدا.
قلت: أنبدأ
باللاحق قبل السابق، وبالمتأخر قبل المتقدم.
قال: إن توقف
فهم المتقدم على المتأخر، والسابق على اللاحق، فلا حرج عليك أن تبدأ به.. بل عليك
أن تبدأ به.