responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 412

قلت: وعيت هذا.. والزهد بهذا الذي وصفت مراتب عديدة ودرجات كثيرة.

قال: أجل.. وأعلاها درجة، وأرفعها منزلة من رغب عن كل ما سوى الله تعالى، حتى الفردوس الأعلى، فلا يحب إلا الله، ولا يرغب إلا في القرب منه.. وبعده الذي يرغب في حظوظ الآخرة، ويقدمها على حظوظ الدنيا.. وبعده الذي يترك من حظوظ الدنيا البعض دون البعض، كالذي يترك المال دون الجاه، أو يترك التوسع في الأكل ولا يترك التجمل في الزينة.. وهكذا.

قلت: كيف يعتبر ذلك زاهدا، وقد آثر الفاني على الباقي.

قال: كما أن التوبة عن بعض المعاصي صحيحة.. فكذلك الزهد في بعض الحظوظ صحيح.

قلت: كيف ذلك؟

قال: لأنه لا فرق بينهما سوى أن التوبة عبارة عن ترك المحظورات، والزهد عبارة عن ترك المباحات التي هي حظ النفس .. ولا يبعد أن يقدر على ترك بعض المباحات دون بعض، كما لا يبعد ذلك في المحظورات.

قلت: وعيت هذا، وأحسبني عرفت حقيقة حال الزهد.. فما العلم الذي يدعو إليه؟

قال: هو كعلم التاجر بأن العوض خير من المبيع فيرغب في العوض، ويسلم النقود التي امتلأ قلبه محبة لها..

قلت: هلا وضحت لي هذا.

قال: من عرف أن الدنيا مهما كانت جميلة وممتعة، فهي لا تختلف عن الثلج الموضوع في الشمس، والذي لا يزال في الذوبان إلى الانقراض.. وعرف أن الآخرة كالجوهر الذي لا فناء له.. فبقدر قوّة اليقين والمعرفة بالتفاوت بين الدنيا والآخرة، تقوى الرغبة في البيع والمعاملة حتى أن من قوي يقينه يبيع نفسه وماله، كما قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ

نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست