لم يلتفت الرجل إليه مع أن صوته الجميل كان
كمزامير آل داود يحرك له الجبال وتهتز له الطير.
راح الواعظ
يقول له: اسمع.. فقد قال رسول الله a : (اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك
قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناءك قبل فقرك)[1]
لم يلتفت
الرجل له، فراح الواعظ يرتل بصوت خاشع قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ
حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ (الانبياء:1).. يقرؤها
ويكررها..
لكن الرجل ظل
في غفلته.. يلهو ويلعب.. منشغلا بالنادل الذي يسقيه كل حين من شراب الغافلين عن
الواعظ الذي يرتل عليه كلام رب العالمين.
تركته، وذهبت
إلى الذي كان يبني قصورا من اللعب.. فسمعت واعظه يقول له منشدا بصوت جميل تتحرك له
الجبال:
يا من يُطيلُ بناءهُ متوقياً
ريبَ المنونِ وصَرْفَه لا تَخْرَجِ
فالموتُ يفزغُ كل قصرٍ شامخٍ
والموتُ يفتحُ كُلَّ بابٍ مرتجِ
لم يلتفت
الرجل إليه، فراح يقول له: اسمع.. فإن حقائق الآخرة المدونة في الدواوين المقدسة
تقول بلسان فصيح: