قال[1]: هذا المثل يصور حقيقة المشرك بالله، فهو
لا يرتضي أن يكون الله وحده من يأمره وينهاه، أو يوجهه ويربيه، بل وضع لذلك أندادا
كثيرين، كل يأمره بخلاف ما يأمره الآخر.. وهو في وسطهم كالتائه الحيران، لا يدري
أي أمر ينفّذ، فالأمران متناقضان ومتضادان، ولا يدري أيّاً منهما يرضيه؟
والأدهى من
كلّ ذلك أنّه عندما يطلب من أحدهم توفير مستلزمات حياته، يرميه على الآخر، والآخر
يرميه على الأوّل، وهكذا يبقى محروماً محتاجاً عاجزاً تائهاً.
وفي مقابله الموحد،
وهو رجل سلم لرجل واحد .. فخطه ومنهجه واضح، وولي أمره معلوم، فلا تردد ولا حيرة
ولا تضاد ولا تناقض، يعيش بروح هادئة ويخطو خطوات مطمئنة، ويعمل تحت رعاية فرد
يدعمه في كلّ شيء وفي كلّ أمر وفي كلّ مكان.
قلت: وعيت
هذا.. لكن ما الشرك.. فإني أرى بين قومي صراعا كبيرا حوله.
قال: أول
الشرك أن تعتقد أن مع الله آلهة أخرى تنافسه في الألوهية، وتشاركه فيها، وتماثل
الله وتكافئه وتساويه..
قلت: مجنون
من يعتقد ذلك.. وقد قال تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا
اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾
[الأنبياء: 22]، وقال الإمام علي في وصيته لابنه الحسن: (واعلم يابني أنّه لو كان
لربّك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنّه
إله واحد كما وصف نفسه)[2]
قال: ومن
الشرك أن تعتقد أن الله تعالى مركب من أبعاض، ومجزأ إلى أجزاء، لأن كل جزء حينها
سيصبح إلها قائما بذاته..
قلت: صدقت ..
وقد قال تعالى ينفي هذا النوع من الشرك: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾