وقد شد
انتباهي في هذه الضوضاء المزعجة رجل هو أشبه الناس بالشيطان، بل لعله الشيطان نفسه،
وكان يحيط به جمع من الغوغاء، وهو يصيح فيهم بصوته المزعج قائلا: لقد جبنا الكون
مشرقه ومغربه.. وطفنا أقماره ونجومه.. فوجدنا كل شيء إلا شيئا واحدا لم نجده،
فعرفنا أن الوهم هو الذي اخترعه، وأن الخيال هو الذي أسسه.. أنبئوني ما هو؟
صاح الجميع
بصوت عال: إنه الله..
رد عليهم ذلك
الصوت المزعج قائلا: صدقتم.. فالله هو الخرافة التي ظل أجدادكم طوال عمرهم
يرددونها، ولا يملون من تردادها.
قالوا: فبم
تنصحنا يا من هو إمامنا في كل سفاهة، وقائدنا في كل ضلالة، ودليلنا في كل غواية؟
قال: أشيعوا
بأن الإله قد مات.. وأن البشرية قد وصلت إلى الطور الذي لا تحتاج فيه إلى أي إله..
وأنبئوهم أن من ذكر الله في هذا العصر متخلف ورجعي وبدائي وظلماني ولا عقل له..
رددوا على
آذانهم كل حين مقولة حكيم الحكماء: (الدين أفيون الشعوب)، ورددوا معها قوله: (إن
الله لم يخلق الجنس البشري، بل الإنسان هو الذي خلق الله)..
ورددوا بفخر
مقالة ستالين: (يجب أن يكون مفهوما أن الدين خرافة، وأن فكرة الله خرافة، وأن
الإلحاد مذهبنا)
قالوا: ومن
أبى أن يستمع لنا؟
قال: اهجروه
كما يهجر البعير الأجرب.. وإن استطعتم أن تقيموا دولة الإلحاد فعليكم برأسه،
فاجعلوها علفا لدوابكم.